لا أتذكّر إن كنت في سن السابعة أو الثامنة ، لكنّي أسترجع حين كُنت في ذلك اليوم الصيفي أرتدي سروال أزرق قصير و قميص أبيض ، أجلس في الصف الاول و قدماي لا تلامسان الارضفألعب بهما بينما أركزّ نظري على المعلّمة وهي مُنشغلة في المطالعة على مكتبها . كانت كعادتها تبدو مِثال في الاناقة و الهيبة اللائقة بمعلمّة يتلعثم في حضرتها المدير نفسه.  

كُنت في ذهني أرتبّ الكلمات التي سأقول لها قبل أن أقف و أمشي في خجل كبير نحوها
رفٓعت هي رأسها بعدما سمعٓت خُطاي و ابتسمٓت لي
عيون التلاميذ تحملق متطلعّة لتعرف ما سأقول
اقتربتُ منها ، و نظٓرتُ إلى وجنتيها فكانتا محمرّتين في غاية الجمال ، لذٓعتني رائحة عطرها فارتبكتُ بعض الشيئ ثم همست في أُذنها ببرائة الأطفال : ' خالي محمد جا عندنا من إطاليا ، فالصباح كيقول لي بونجورنو '  
ردّت عليّ بابتسامة عريضة و سألتني إن كُنت أحب خالي فأجبتُ نعم و أنّه يجلب لي في كل مرة الكثير من الألعاب . قالت لي هذا جيّد! و حين هممتُ بالعودة إلى طاولتي ، وضٓعت على خدّي قُبلة ما زِلتُ أحّن إليها إلى اليوم .. 

في المساء دخلنا حصّة العربية ..

إنني  لا أتشوّق لأحكي لكم يا أصدقائي و أصف غلاظة ذلك المعلّم . فعلى الأرجح أنكم تحملون معكم ندبا من أمثاله سواء ظاهر أم نفسي
إنها قضية جيل بكامله . و لكي أُنهي القصة باختصار ، فإنني تجرأت و ذهبت لأحكي له عن لُعبتي الإيطالية الجديدة .  

كان هو الآخر منشغلا بتصفّح إحدى المجلات العربية
ما إن وقفتُ أمامه حتى قٓذف الرُّعب في داخلي بصوته حين قال  : مالك ؟!  
لم أعرف بماذا أجيبه و نسيت كلّ شيئ
قُلت له متلعثما أنّ خالي قد عاد.. فأجابني بضحكة عريضة حتى أزكمني برائحة النيكوتين و قال : و بغيتيني نزغرت ؟ 
أجبته مرعوبا : لا ؟ 
فنهرني قائلاإيوا سير عاودها لمُّك


لم أعد في تلك اللحظة إلى طاولتي مُطأطأ الرأس إِلَّا لأنني كنت أتفقّد إن كانت هناك بُقعة حمراء على قميصي الأبيض . لم أكن حينها أعرف أنّ القلب إذا فُطر فإنّ جُرحه يبقى داخلي.

Comments

  1. منهم عدد للأسف هههه

    ReplyDelete
  2. ناهيك اذا سألك ولم تعرف الجواب

    ReplyDelete
  3. عانيت و باقي كانعاني من نفس الإحساس تقريبا ، كلمات جارحة خرجت من فم حارس المؤسسة الأعرج اللئيم لازالت تمر كومضة في رأسي من حين لآخر ، فتترك خلفها أثر يشبه أثر القوس و السهم على مشاعري .

    ReplyDelete
  4. منهوم عدد وقليل فين تلقى شي معلم او معلمة لي كيمثلو رمز الاحترام والحب

    ReplyDelete
  5. منتهى العبث هههه

    ReplyDelete

Post a Comment

Popular posts from this blog